تنظم وحدة البحث في القانون الإداري بكلية الحقوق والعلوم الاقتصادية والسياسية بسوسة بالاشتراك مع الجمعية التونسية للقانون الدستوري وبمساهمة المؤسسة الألمانية هانس سيدل ملتقى حول: « الدستور والإدارة » بمقرّ كلية الحقوق والعلوم الاقتصادية والسياسية بسوسة يومي 27 و28 فيفري 2009

ملتقى

هل يمكن إحياء ذكرى إصدار دستور الجمهورية التونسية المؤرّخ في غرّة جوان 1959 بالرجوع إلى مصطلح "الإدارة" ؟

هذا السؤال له ما يبرّره خاصة إذا أدركنا أنّ مصطلح "الإدارة" لم يرد ذكره بنصّ الدستور ولا كذلك بالتوطئة

إنّ قراءة الدستور التونسي، سواء في نسخته الأصلية، أو كذلك في مستوى مختلف التنقيحات والإضافات التي عرفها على امتداد نصف قرن، تؤكد أنّ استعمال مصطلح "الإدارة" كان عرضيا. فمن جهة أولى، وبالرجوع إلى النسخة الحالية للدستور، نجد فقط عبارة "الإدارية" مقترنة بمصطلح "المحكمة" في إشارة إلى "المحكمة الإدارية". ومن جهة ثانية، وبالرجوع إلى التنقيح الجوهري الذي عرفه الدستور في 8 أفريل 1976، نشير إلى ما جاء بالفصل 60 الذي اقتضى أنّ "الوزير الأوّل يُسيّر الحكومة ويُنسق أعمالها ويتصرّف في دواليب الإدارة وفي القوّة العامة". غير أنّ توازن الثنائية في السلطة التنفيذية لم يصمد طويلا أمام رياح التغيير، إذ سرعان ما عرف هذا الفصل تنقيحا سنة 1988، وحذفت عبارة "الإدارة"، وأعيد بموجب ذلك النظر في توزيع مهام السلطة الإدارية العليا في مستوى الإدارة المركزية

إنّ مصطلح "الإدارة" هو مصطلح "حاضر-غائب" في نصّ الدستور. وهذا يعني بالضرورة أنّ غياب تكريسه بشكل صريح وواضح، لا يفيد البتة تغييبه تماما. فالسلطة التأسيسية الأصلية أو كذلك الفرعية وضعت العديد من المبادئ والمؤسسات الدستورية التي لا يتحدّد مفهومها إلا بالرجوع إلى فكرة الإدارة. ويمكن أن نذكر في هذا السياق

القواعد المرتبطة بممارسة الحريات العامة -

القواعد المتعلقة بحماية المعطيات الشخصية -

قواعد إعداد ميزانية الدولة -

التسمية في الوظائف العليا المدنية والعسكرية -

ممارسة السلطة الترتيبية العامة -

استمرارية السلط العمومية في الدولة -

تنظيم الجماعات المحلية -

هياكل الرقابة على الإدارة : المحكمة الإدارية، دائرة المحاسبات -

ففي كل هذه المجالات نلمس حضور "الإدارة"، كفكرة وكمؤسّسة، هيكليا ووظيفيا، كما نجد أيضا العديد من المفاهيم الأخرى المرتبطة شديد الارتباط بالقانون الإداري بشكل عام

وفضلا عن ذلك، تمثل الإدارة العمود الفقري للدولة، وقد يتأثر عملها بمحيطها السياسي. فهي تمارس المهام التي يحدّدها الدستور وتسهر على تنظيم المرافق العامة وتسييرها وتعمل على خدمة الأفراد وتحسين علاقته بهم. وعلى هذا الأساس، تخضع الإدارة إلى رقابة متنوعة ومتعدّدة ويحكم نشاطها مبدأ الشرعية باعتباره أحد أهمّ العناصر التي تقوم عليها دولة القانون. وبعبارة أخرى، فإنّ الإدارة مدعوّة إلى تجسيد الأهداف التي رسمها ممثلو الشعب التونسي المجتمعين في مجلس قوم تأسيسي، والتي تمّ تضمينها بتوطئة الدستور، مثل توثيق عرى الوحدة الوطنية وكفالة حقوق الإنسان وإقرار المساواة بين المواطنين في الحقوق والواجبات وتوفير أسباب الرفاهية بتنمية الاقتصاد واستخدام ثورة البلاد لفائدة الشعب، ورعاية الأسرة وحقّ المواطنين في العمل والصحة والتعليم

إنّ مرور نصف قرن على إصدار دستور الجمهورية التونسية هو مناسبة لحفز الباحثين على مزيد الاهتمام بهذا النصّ ودفعهم لتناول مختلف جوانبه في بداية هذا القرن الجديد ليكون مواكبا لكل التطورات التي تعرفها الإنسانية اليوم. ومن هذا المنطلق، فإنّ وحدة البحث في القانون الإداري بكلية الحقوق والعلوم الاقتصادية والسياسية بسوسة والجمعية التونسية للقانون الدستوري قررتا تناول هذا النصّ الدستوري من زاوية علاقته بمفهوم الإدارة. ولئن لن تكون مهمة الباحثين سهلة في هذا الخصوص، إلا أنها ستكون مفيدة لا محالة لكلّ المهتمين بخصوصية هذه العلاقة

تنظم وحدة البحث في القانون الإداري بكلية الحقوق والعلوم الاقتصادية والسياسية بسوسة بمساهمة المؤسسة الألمانية هانس سيدل ملتقى دولي حول : " العولمة والعقود العمومية " بسوسة أيام 23 و24 و25 أفريل 2009

ملتقى

منذ نهاية الثمانينات من القرن الماضي، ومع اختيار التوجه نحو نظام اقتصاد السوق، أصبحنا نشهد حصول تجديد عميق في وسائل العمل الإداري. وقد عرفت النصوص القانونية في هذا السياق حركية هامة، إذ تغيرت مضامينها في اتجاه تحديث هذه الوسائل وتبني مفاهيم جديدة والانخراط في أنظمة متجدّدة تقطع أحيانا كليا مع تلك المعمول بها من قبل

وفي الحقيقة لا يخفى أنّ هذه الحركية في المفاهيم والنظم القانونية، التي لا يختلف اثنان في كونها مرتبطة شديد الارتباط بظاهرة العولمة بشكل عام، قد طالت الجانب التعاقدي في القانون العام، وساهمت بشكل عام في تطويره. ولئن جاء قانون العقود العمومية في مظهر جديد غير مألوف، ليساهم بشكل مباشر في تبسيط المبادلات وتسهيلها على المستوى العالمي، إلا أنه يُعدّ كذلك، وفي حدّ ذاته، أحد أهمّ إنتاجات هذه العولمة ومشجعا في نفس الوقت على التوجه نحو العولمة القانونية

لقد قوبلت مسألة عولمة العقود العمومية – بشكل خاص – بالنقد الشديد لأنها أدت إلى إعادة النظر في طريقة وكيفية إنتاج القواعد القانونية. فالعالم اليوم يشهد توجها نحو توحيد أو ربما تنميط وسائل التصرف في النشاط الاقتصادي. وفي هذا السياق، يعدّ العقد آلية أساسية لتحقيق التسوية الاقتصادية، فهو يمنح الحماية القانونية للمستثمرين ويمثل علامة لبروز قانون اقتصادي جديد تفقد من خلاله الدولة سيطرتها على آلية التشريع وتصبح شيئا فشيئا تتقاسم وظيفة إنتاج القواعد القانونية مع بعض الأطراف الأخرى سواء كانوا عموميون وخواصا

لقد أضحت ظاهرة العولمة القانونية، وخاصة في مادة العقود العمومية، تمثل عاملا جديا لزعزعة المفاهيم والأصناف التقليدية المعمول بها في مختلف الأنظمة القانونية. وباتت الحاجة أكيدة أكثر من أي وقت مضى لبذل مجهود أكبر في وضع المفاهيم اللازمة والمناسبة بغاية تبسيط جملة من الحقائق القانونية الجديدة في هذا الموضوع

ولنا أن نتساءل في إطار هذا السياق الجديد، عن مفهوم العولمة القانونية ؟ ثمّ ما هو تأثير هذا المفهوم على عقود الإدارة ؟ وما هي المبادئ الجديدة التي أصبحت تحكم قانون العقود العمومية ؟ هل أنّ الوسائل والطرق المعتمدة حاليا في الرقابة والمنازعات قادرة على الصمود والمحافظة على فاعليتها وجدواها ؟

هذه هي إذن الأسئلة الجوهرية التي سيتم التطرّق إليها في أعمال هذا الملتقى في سبيل إيجاد الإجابة المناسبة